ما الأفضل؟ أن تدرب محاسب محترف على أدوات تحليل البيانات لإجراء التحليلات المتعلقة بالمحاسبة؟ أم تدرب محلل أو عالم بيانات على مجال المحاسبة لإجراء التحليلات ذاتها؟

حقيقة لا يوجد جواب واحد لهذا السؤال، حيث يعتمد على الكثير من العوامل المتعلقة بطبيعة المنشأة والعمل والمشروع. لكن إذا توفرت العوامل المناسبة، فيمكن إتاحة الأدوات الملاءمة للمختص في الأعمال لإجراء التحليلات بنفسه. ولا نقتصر هنا على المحاسبة في المثال، ولكن يشمل ذلك كل قطاعات الأعمال كشؤون الموظفين والاستراتيجية والتسويق والمبيعات، وقد قرأت عن أطباء تعلموا أساليب التحليلات المتقدمة للبيانات وطبقوها على عملهم. يطلق على مختصي الأعمال الذين يعملون على تحليل البيانات باستخدام الأساليب المتقدمة اسم علماء البيانات الموطنين (Citizen Data Scientists)، وذكرت الأساليب المتقدمة (التي قد يدخل ضمنها التحليلات التنبئية) هنا لأفرق بينها وبين التحليلات المعتادة في برامج كإكسل.

قد يكون وجود علماء بيانات مواطنين مهماً في حال تعذر العثور على علماء بيانات مميزين، لا سيما مع قلة الموجودين في السوق وتنافس الجهات لاستقطابهم.

تتوفر الكثير من الأدوات والمعماريات المقترحة لتسهيل وصول مختصي الأعمال إلى البيانات المناسبة لهم وإجراء التحليلات اللازمة. بعضها لا تحتاج إلى خبرات برمجية، حيث توفر واجهات رسومية سهلة الاستخدام لتحديد مجموعات البيانات والعمليات المطلوبة عليها. وتوفر هذه الأدوات العديد من خيارات تصوير البيانات لفهمها بشكل أفضل. بالإضافة إلى أن العديد من هذه الحلول توفر أيضاً خوارزميات تعلم الآلة الآلي AutoML، التي تتيح لغير المختص في تعلم الآلة إجراء تجارب سريعة بطريقة ميسرة ودون الحاجة إلى خبرة برمجية.

هل نلغي أقسام تحليل وعلم البيانات من المنشآت إذاً إذا كان لدينا علماء بيانات مواطنين؟ ليس بالضرورة، حيث يمكن أن يكون قسم تحليل البيانات كمركز تميز يدعم الجميع بكل ما يحتاجونه فيما يتعلق بتحليل البيانات، كالتدريب والاستشارات وتوفير الأدوات والحزم البرمجية لتسهيل تحليل البيانات، فلا تزال هناك حاجة لمختصين في أدوات وخوارزميات تحليل البيانات المتقدمة لا سيما إذا كانت المشكلة معقدة. في هذه الحالة يكون علماء البيانات المواطنين نقطة الاتصال والسفراء بين قسم تحليل البيانات والأقسام ذات العلاقة، وقد يكونون الخبراء في المجال (domain experts) للمشروع. أو قد يكون تقسيم العمل بين الأقسام حسب تعقيد البرامج والخوارزميات والمهارات اللازمة للتعامل معها.