تم الإعلان في 22 ربيع الأول 1444هـ الموافق 18 أكتوبر 2022م عن الاستراتيجية الوطنية للصناعة “الهادفة للوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030” [واس].
عرض موجز عن الاستراتيجية الوطنية للصناعة
في يلي عرض موجز لأهم نقاط الاستراتيجية الوطنية للصناعة، وبإمكانك الرجوع إلى النبذة عن الاستراتيجية هنا في حال أردت المزيد من التفاصيل.
تستهدف الاستراتيجية رفع إسهام قطاع الصناعة للناتج المحلي الإجمالي من 331 مليار ريال في عام 2020م إلى 895 مليار ريال بحلول عام 2030م، ومضاعفة الفرص الوظيفية للقطاع من 0.9 مليون وظيفة في عام 2020م إلى 2.1 مليون في عام 2030م، وزيادة الصادرات الصناعية من 169 مليار ريال في 2020م إلى 557 مليار بحلول عام 2030م.
رؤية الاستراتيجية: اقتصاد صناعي مرن وتنافسي ومستدام يقوده القطاع الخاص.
تم وضع ثلاث أهداف استراتيجية:
- بناء اقتصاد صناعي وطني مرن قادر على التكيف مع المتغيرات
- تكوين مركز إقليمي صناعي متكامل لتلبية الطلب
- تحقيق ريادة عالمية في صناعة مجموعة من السلع الصناعية المختارة
وتم تحديد 15 مُمَكِّن تندرج تحت 4 محاور تمكينية:
- بناء وتعزيز سلاسل إمداد بمعايير عالمية
- تنمية بيئة الأعمال الصناعية
- تعزيز التجارة الدولية للمملكة
- تنمية وتعزيز ثقافة الابتكار والمعرفة
كما تم عرض استراتيجيات القطاعات الفرعية، وهي:
- تطبيقات الكيماويات المتخصصة
- المواد الكيماوية التحويلية (البلاستيك والمطاط)
- صناعة الأغذية
- صناعة الطاقة المتجددة
- صناعة الطيران
- صناعة السيارات
- الصناعات البحرية
- صناعة المستحضرات الدوائية والأدوية الحيوية
- صناعة الأجهزة والمستلزمات الطبية
- الصناعات العسكرية
- قطاع مواد البناء
- صناعة الآلات والمعدات
- الصناعات التعدينية (الصلب والألمنيوم والنحاس والتيتانيوم)
التركيز على أهمية دور القطاع الخاص
يميز الاستراتيجية التركيز على أهمية التكامل بين عمل الجهات الحكومية ودور القطاع الخاص. ويتبين هذا بشكل واضح من رؤية الاستراتيجية نفسها: اقتصاد صناعي مرن وتنافسي ومستدام يقوده القطاع الخاص. وشرح هذه النقطة في الاستراتيجية:
“وهي رؤية يشارك فيها القطاع الخاص مشاركة فعالة ويشترك في تحوّل الصناعة السعودية لتصبح على نحو استباقي قوة تنافسية ومتنامية للمملكة ومواكِبة للنضج المتزايد لكل قطاع صناعي. مما يعني أن جميع الاستثمارات ذات العلاقة تقريباً تصدر عن القطاع الخاص، وأن أهم المطالبات والاحتياجيات يحددها ويكسب تأييدها القطاع الخاص، في الوقت الذي غالباً ما يكون فيه القطاع العام في خدمة الوطن من خلال توفير سياسات سليمة وبيئة مواتية لازدهار الصناعة.”
الاستراتيجية الوطنية للصناعة
كما تم العمل على وجود تمثيل للقطاع الخاص في حوكمة الاستراتيجية عن طريق المجلس الصناعي والمجالس واللجان الأخرى.
دور التقنيات الرقمية في الصناعة
تم دراسة التوجهات العالمية في الصناعة في الاستراتيجية والتركيز على 7 توجهات رئيسية من وجهة نظر تقنية من المتوقع أن تؤثر في الصناعة:
- توسيع دور البيانات في الثورة الصناعية الرابعة
- زيادة انتشار أجهزة إنترنت الأشياء
- التطور المتزايد للذكاء الاصطناعي
- الاستخدام المتزايد للتصنيع الإضافي المتقدم (الطباعة ثلاثية الأبعاد)
- الانتشار المستمر للأنظمة الآلية المتقدمة (الروبوتات المتقدمة)
- زيادة الاحتكاك بالمجال السيبراني/التشفير
- البنية التحتية/المدن الذكية
كما تم عرض التوجهات التقنية لبعض الاستراتيجيات الفرعية. ففي صناعة الأغذية استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل المزارع الذكية والروبوتات واستخدام إنترنت الأشياء والطائرات بدون طيار. وفي صناعة الطائرات تتيح إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي تطبيقات الصيانة الوقائية لتوقع احتياجات الطائرة للصيانة من أجل تقليل المخاطر وتكاليف الصيانة والتكاليف التشغيلية. وفي المجال الطبي ابتكارات ميد-تيك والتي تستخدم الكثير من التقنيات لتصميم منتاجات طبية مبتكرة. وفي قطاع مواد البناء التوجه لاستخدام أساليب البناء المتقدمة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات وغيرها. ومن التوجهات الحديثة في قطاع صناعة الآلات والمعدات الأتمتة والروبوتات واستخدامات الذكاء الاصطناعي/تعلم الآلة وإنترنت الأشياء والمستشعرات. وفي الصناعات التعدينية دخل التحول الرقمي وأساليب البناء المتقدمة في الموضوع، وذلك من خلال زيادة الرقمنة لتحسين المبيعات كتوقعات المبيعات والصيانة الوقائية، ومن خلال دمج الرقمنة في سلسلة القيمة النهائية.
دور الشركات التقنية في تطبيق الاستراتيجية
ارتفع عدد المصانع منذ عام 2017م من 7206 مصنع إلى 10293 مصنع في عام 2021م، ويقدر أن ترتفع إلى 36000 مصنع بحلول عام 2035م بنحو 350%. بناء مصانع جديدة ورفع كفاءة المصانع الحالية تحتاج إلى العديد من الممكّنات والشراكات المحلية والعالمية. وأحد الممكِّنات الأساسية هي التقنيات الحديثة والتي تمس كل أجزاء عمليات التصنيع. لا بد لأي توجه طموح للارتقاء بالصناعة وتطويرها من التقنيات الرقمية الحديثة لتكون منافسة على مستوى عالمي. وقد تم التعرف في التوجهات الرئيسة في الاستراتيجية على مجموعة من التقنيات المهمة.
ما هو الدور الذي يمكن أن تسهم به الشركات التقنية المحلية في خدمة قطاع الصناعة؟ حتى تتصور الموضوع بشكل أفضل، فكر كيف يمكن لأي تقنية أن تخدم كلاً من التالي:
- الشركة: والمقصود الشؤون المتعلقة بالشركة من الناحية الإدارية والمالية والإجراءات، … وغيرها.
- المصنع: وهو المكان الذي تتم فيه عمليات التصنيع، وقد يتكون من جزء من مبنى أو مبنى واحد أو عدة مباني، وتختلف طبيعته حسب نشاط التصنيع.
- الأمور اللوجستية: كالنقل وسلاسل الإمداد وغيرها.
هذه بعض الأمور التي يمكن أن تسهم بها الشركات التقنية، وهي ليست حصرية:
الشبكات
من المهم أن تتوفر شبكة قوية داخلية وخارجية تربط أجهزة الحواسيب والخوادم والمعدات. تخدم هذه الشبكة الشركة ككل وتسهل التواصل بين الموظفين والعمال والوصول إلى الخدمات الإلكترونية والبيانات القادمة من الأجهزة، خصوصاً مع دخول تقنية إنترنت الأشياء التي تحتاج لإرسال البيانات مشكل متواصل.
الحوسبة والتخزين
توفير الحواسيب والخوادم وأجهزة تخزين البيانات أمر أساسي لأي منشأة، ومن ذلك المنشآت الصناعية. وقد تزايد في الآونة الأخيرة الاعتماد على الخدمات السحابية وذلك لعدة أسباب كالمرونة من ناحية الحصول على أجهزة الحوسبة والتخزين حسب الطلب وسهولة التوسع حسب الحاجة والتخلص من مهام إدارة الأجهزة والتحديثات وتقليل التكاليف. كما تساعد الخدمات السحابية مشاركة البيانات إذا كان للمنشأة عدة فروع. ومن الأمور المهمة النسخ الاحتياطي وحلول الاسترداد في حال حصول مشاكل.
إنترنت الأشياء
تساعد أجهزة إنترنت الأشياء عن طريق الحساسات المتنوعة ضبط الجودة واكتشاف المنتجات المعيبة وإدارة المخزون والأمور اللوجستية. كما تساعد في توقع حدوث الخلل في الأجهزة (كما سيأتي) ومتابعة الحالة الصحية للموظفين، وغير ذلك من المهام. كل هذا يساعد في تقليل تكاليف الشغيل والصيانة وتزيد من كفاءة التصنيع والعمليات اللوجستية
الأنظمة والبرمجيات
هناك العديد من البرامج التي تحتاجها المنشآت الصناعية وتختلف تبعاً لنشاطها، منها البرمجيات المؤسسية مثل ERP وCRM والأنظمة المحاسبية أو برمجيات المصانع كبرامج الصيانة ومتابعة المخزون وتخطيط موارد التصنيع (manufacturing resource planning (MRP)). هذه البرامج وغيرها قد يتم تزويدها عن طريق شركاء عالميين والتعديل عليها حسب الحاجة أو تطويرها محلياً حسب متطلبات المنشأة.
حلول وخدمات البيانات
تتباين حلول البيانات الموجهة للقطاع الصناعي. حلول ذكاء الأعمال تتيح عرض ومتابعة التقارير ولوحات المعلومات التفاعلية لفهم الوضع الحالي والسابق والمساعدة في اتخاذ القرارات. كما تفيد التحليلات المتقدمة -والتي قد تستخدم بعض خوارزميات الذكاء الاصطناعي- في تطبيقات كتوقع المخزون والصيانة الاستباقية من خلال الاعتماد على بيانات إنترنت الأشياء وغيرها من التطبيقات. حلول البيانات الضخمة مهمة للمصانع التي لديها بيانات كبيرة قد تكون من عدة مصادر للمنشأة وبصيغ متنوعة. كذلك بيانات إنترنت الأشياء تأتي من أجهزة كثيرة وبوتيرة سريعة تحتاج إلى أنظمة لها خصائص معينة تستطيع أن تستوعبها بطريقة ملائمة وبالوقت الحقيقي عند الحاجة.
منتجات الذكاء الاصطناعي
للذكاء الاصطناعي تطبيقات كثيرة في المجال الصناعي لا يمكن حصرها هنا، ولكن نكتفي ببعض الأمثلة. تطبيقات الرؤية الحاسوبية في المصانع متنوعة كالمتعلقة بمراقبة الجودة من خلال تحليل صور المنتجات ومعرفة المعيب منها بشكل آلي، وكذلك تصنيف المنتجات حسب الشكل. ومن التطبيقات الآخذة في التزايد مؤخراً الروبوتات التعاونية (collaborative robots) التي تعمل جنباً إلى جنب مع البشر، وتحتاج هذه الروبوتات للذكاء الاصطناعي لتقليل المخاطر أثناء عملها بجوار البشر بالإضافة إلى إمكانية التعلم أثناء العمل من خلال مراقبة الأشخاص.
منتجات الواقع الافتراضي والمعزز
يمكن استخدام الواقع الافتراضي والمعزز في المصانع لعدة أغراض، فمثلاً يعد طريقة جيدة لتدريب العاملين الجدد على التعامل مع المعدات، كما يمكن للمشرفين توجيه المتدربين عن بعد. الواقع المعزز يساعد على عرض المعلومات بطريقة مضمنة إلى ما يراه العامل ويبين حالة المعدات -كدرجة حرارتها- بشكل مباشر. وأيضاً تفيد في الدعم الفني في حالة حدوث عطل عن طريق تمكين الشركة المزودة للمعدات مساعدة عمال المصنع في تنفيذ عمليات الصيانة من خلال توجيههم عن بعد.
حلول وخدمات الأمن السيبراني
أي جهاز متصل على شبكة سيتعرض لمخاطر الأمن السيبراني ويحتاج لتأمينه. تزيد المخاطر في المنشآت الصناعية إذا تم استهداف الأجهزة الصناعية والتسبب في إتلافها أو انفجارها مما قد يعرض الأرواح للخطر. وتوجد بعض الشركات التي توفر حلول الأمن السيبراني للأجهزة الصناعية.
الخدمات الاستشارية
قد تكون هناك حاجة قبل الشروع في تبني التقنيات إلى عمل استشاري يدرس الوضع الحالي للمنشأة والأهداف المطلوبة ثم وضع الاسترتيجية المقترحة لسد مواطن الضعف وزيادة إمكانية اقتناص الفرص وتعظيم المكاسب، وكيفية تنفيذها على أرض الواقع من خلال المبادرات والمشاريع.
ما سبق مجرد أفكار لما يمكن للشركات التقنية أن تقدمه للقطاع الصناعي ولم أتعمق في أي منها اختصاراً للموضوع ولعدم الحاجة إلى ذلك في السياق الحالي.
وهناك دعم ضخم لتبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة التي تحتوي العديد من التقنيات التي تم نقاشها، ويتجسد هذا الدعم في العديد من المبادرات المطلقة من برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) ووزارة الصناعة والثروة المعدنية والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بالإضافة إلى 136 مبادرة متضمنة في الاستراتيجية الوطنية للصناعة. لذلك أعتقد أن المجال خصب للشركات التقنية الحالية أن تبحث عن موطئ قدم لها في القطاع، كما توجد فرص لإنشاء شركات متخصصة في بعض المجالات التي يحتاجها السوق.